الانتقال إلى المحتوى
Aramco

كلمة أحمد بن عثمان الخويطر - ليب 2025

أحمد بن عثمان الخويطر، النائب التنفيذي للرئيس للتقنية والابتكار

الكلمات|الرياض|

أصحاب السمو الملكي، أصحاب المعالي والسعادة، الضيوف الكرام، السيدات والسادة،

اسمحوا لي بادئ ذي بدء أن أشكر معالي وزير الاتصالات وتقنية المعلومات، المهندس عبدالله السواحه. فتحت قيادته، أصبح مؤتمر "ليب" أحد المؤتمرات التقنية الرائدة في العالم، وإحدى أهم الوجهات التي لا يتخلف عنها روّاد الأعمال والتنفيذيون، وكذلك الشغوفون بالتقنية. 

ومع أن هذه ليست إلا الدورة الرابعة من مؤتمر "ليب"، إلا أنه يشهد توسعًا وتقدمًا عامًا بعد عام. وكما لا يخفى على الكثير منكم، فإننا من دُعاة التقنية وتطوير وتطبيق ودفع عجلة الابتكارات المتقدمة.

والأمر لا يقتصر على أهمية استخدام التقنية في إنتاج الطاقة والكيميائيات، وهي منتجاتنا الأساسية، التي يعتمد عليها العالم، ولكن أيضًا لأننا ندرك الإمكانات الهائلة التي تمتلكها التقنية لإحداث تحوّل في قطاعنا والعالم أجمع. ونحن نعلم ذلك من واقع ما أحدثته التقنية من تغيير كبير على مدى السنوات المائة الماضية.

ولكن ظهور الذكاء الاصطناعي والبيانات الضخمة حلّقا بنا إلى عالم جديد من الفرص التي لا حدّ لها تقريبًا، وبوتيرة لا أظن بأننا شهدناها من قبل. ففي أعمالنا، تساعد التقنية في المحافظة على بيئتنا من خلال تحسين الاستدامة.

وتساعد موظفينا من خلال تحسين السلامة. وتساعد عملاء الشركة من خلال تحسين الموثوقية.

فالموثوقية وحدها، في فترات توقف العمل غير المقررة وحالات تعطّل المعدات، تكلف القطاعات في جميع أنحاء العالم نحو تريليون دولار.

وهذا يعادل إجمالي الناتج المحلي للمملكة العربية السعودية تقريبًا. لذا فإن نماذج الذكاء الاصطناعي الجديدة تسمح لنا بالتنبؤ بسلامة المعدات في المستقبل والحدّ من تعطلها قبل وقوعه، وهذا أحد الأمثلة البسيطة على ذلك. علمًا بأن هذا لا يعني زيادة في وقت توفّر المعدات فحسب، بل يقلل أيضًا من الأثر على البيئة.

لذا، فإن استخدامنا للذكاء الاصطناعي يبدأ من مرحلة التنقيب. نستخدم البيانات السيزمية القديمة التي استفدنا منها في الماضي ونعيد معالجتها بالذكاء الاصطناعي، ونستطيع حاليًا توليد نتائج جديدة من البيانات القديمة، مما يوفر علينا الكثير. 

وفي مجال الإنتاج، سيجعلنا الذكاء الاصطناعي أكثر دقة، كما نستطيع القيام بأعمال الحفر بشكل مستقل حتى نتمكن من زيادة الإنتاج إلى أقصى حد، وخفض التكاليف والحدّ من الانبعاثات. 

وما هذه إلا بعض الأمثلة على تطبيقات الذكاء الاصطناعي، ولكن التحدّي الحقيقي لا يكمن في تطوير هذه التطبيقات بل في كيفية التوسع في تطبيقها لتشمل أعمالًا على مستوى القطاع الصناعي، وليس الهدف استخدام الذكاء الاصطناعي فحسب بل تحقيق أقصى قيمة ممكنة منه. 

ويتطلب تحقيق أقصى إمكاناته ثلاثة عناصر رئيسة، أو ثلاثة عوامل تمكين رئيسة، هي:

أولًا: جمع كميات هائلة من البيانات في العالم الحقيقي. فنحن بحاجة إلى البيانات في المقام الأول.

بعد ذلك، نحتاج إلى توفير الطاقة الحاسوبية والبنية التحتية للحوسبة لنتمكن من عمل النماذج، ومع أنه في الآونة الأخيرة، وبعد النجاح الذي حققه ديب سيك (Deep Seek)، فقد لا يكون ذلك بالأهمية التي كنّا نعتقد.

ولكن أخيرًا، وربما أهم العناصر الذي أراه يغيب عن أذهاننا في ظل حماسنا تجاه التقنية، هي أننا بحاجة إلى الموهبة البشرية، فنحن بحاجة إلى الخبراء المختصين الذين يمكنهم أن يخبرونا ما إذا كانت مخرجات النموذج مطابقة للواقع أم لا. 

وهذه العوامل الثلاثة تمكّن أرامكو السعودية من تحقيق الريادة في هذا المضمار والاستمرار فيها. ولدينا أكثر من 90 عامًا من البيانات الخاصة التي تعود ملكيتها لنا والتي جمعناها من عمليات المسح الجيولوجية والسيزمية، كما أننا نقوم في كل يوم بجمع المعلومات من 10 مليارات نقطة بيانات في مرافقنا، تذهب مباشرة إلى مركزنا للحلول الهندسية.

وكل ذلك يساعدنا في تحسين أدائنا. وقد تم تكريم ذلك مؤخرًا، مرة أخرى، بجائزة خامسة من المنتدى الاقتصادي العالمي في حدث غير مسبوق، وهذه المرة بإضافة مجمع إنتاج الزيت في شمال الغوار إلى قائمة شبكة المنارات الصناعية المعترف بها.

وأرامكو السعودية هي شركة الطاقة العالمية الوحيدة التي تحصل على أكثر من ثلاث جوائز، التي تمنح تكريمًا للشركات التي تتبنّى تقنيات الثورة الصناعية الرابعة. وعندما يتعلق الأمر بالقدرات الحاسوبية، فقد وضعنا ثقلنا الاستثماري في هذا المجال في الآونة الأخيرة. 

كما رفعت أرامكو السعودية، مؤخرًا، سعة تخزينها للبيانات لتصل إلى 1,500 بيتابايت، بالإضافة إلى مضاعفة القدرة الحاسوبية لمركز البيانات في الشركة. 

وتشغّل الشركة مجموعة متنوعة من أجهزة الحاسوب العملاقة (سوبر كمبيوتر)، مثل حاسوب الدمام 7 الذي يُعد من أسرع الحواسيب في المنطقة، إلى جانب عدد من أنظمة INVIDIA Superpods. علاوةً على ذلك، أعلنت الشركة في العام الماضي عن إقامة شراكة مع شركة (Groq) لإنشاء أول مركز لاستقراء الذكاء الاصطناعي في المنطقة، ويسعدني أن أقول إننا نجحنا سويًا في تحقيق ذلك في الوقت المحدد وفي إطار الميزانية المحددة. 

وأعلنت الشركة في العام الماضي كذلك عن إطلاق "أرامكو ميتابرين"، وهو أول نموذج لغوي صناعي كبير في العالم. ويدعم "ميتابرين" أعمال الشركة في الوقت الحالي بنموذج يستخدم 70 مليار معامل، ويسرني أن أعلن أن الشركة تعمل على تطوير نموذج يحتوي على تريليون معامل. 

وكما أظهرت شركة ديب سيك (Deep Seek) ، لا يقتصر إنشاء نماذج ذكاء اصطناعي تتمتع بقدرات عالية على شركات التقنية العالمية فحسب، بل أصبح في متناول المؤسسات، وحتى الناشئة منها، تصميم نموذج ذكاء اصطناعي يتناسب مع أعمالها. 

ولقد كان لدينا إيمان بذلك منذ البداية، إذ قمنا بتطوير نماذجنا الخاصة باستخدام بياناتنا الخاصة. ولهذا السبب، يُسعدني أن أقدّم لكم آخر ابتكارات الشركة، نموذج المحوّل لمعالجة السلاسل الزمنية "بلانت ميتا برين" Plant METABRAIN، وهو نموذج محوّل لمعالجة السلاسل الزمنية يستخدم مجموعات بيانات ضخمة للسلاسل الزمنية. وباستخدام مجموعات البيانات هذه، أصبح بإمكاننا نمذجة العمليات في الوقت الفعلي التي تعتمد عليها أعمال الشركة، فضلًا عن إمكانية تقديم تصورات قابلة للتنفيذ للمشغلين والمهندسين والعلماء في الشركة.

ومن خلال التشغيل في الوقت الفعلي وبأقل تدخل من المستخدم، سيقوم النموذج كذلك بتوقع حجم الطلب، وتحسين الأعمال، والتنبؤ بجودة المنتجات، ورفع القدرة الإنتاجية إلى أقصى مستوى ممكن. ويتيح ذلك للخبراء في الشركة التركيز على مهمات أكثر أهمية وقيمة، بدلًا من الانشغال في اكتشاف الأعطال وتصحيحها أو تطوير النماذج من الصفر.

ولا فائدة من وجود مجموعات كبيرة من البيانات أو أحدث البنى التحتية من دون وجود الكفاءات لاستغلالها. ونؤمن في أرامكو السعودية أن جودة نماذجنا للذكاء الاصطناعي تعتمد على الذكاء الإنساني.  

ولهذا السبب تدرب الشركة أكثر من 6 آلاف مطوّر ذكاء اصطناعي في مختلف دوائر الشركة، وتعمل بالتعاون مع مؤسسات عالمية رائدة، مثل: كلية إمبريال كوليدج، ومعهد كاليفورنيا للتقنية، وجامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) لإلحاق المئات من موظفيها ببرامج دراسية للحصول على درجات علمية متقدمة.

كما تستعين الشركة أيضًا بالمهندسين والعلماء والمشغلين العاملين لديها بالفعل للعمل مع مطوري الذكاء الاصطناعي لتدريب نماذج جديدة، مما يجعلها أكثر فعالية وموثوقية. وقبل أن أختم حديثي، أريد أن أنظر إلى الصورة كاملة. يتعيّن تشغيل جميع هذه النماذج الجديدة وجميع هذه الحواسيب العملاقة من مكانٍ ما.

وتستهلك مراكز الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات حاليًا حوالي 3% من الطلب العالمي على الكهرباء. وفي ظل هذه التطورات التي نناقشها في مؤتمر "ليب" وغيره من المؤتمرات، من المتوقع أن يتضاعف الطلب على الكهرباء بنهاية هذا العقد. 

وبغض النظر عن النماذج الحديثة التي تم تطويرها، مؤخرًا، ما زلت أعتقد أنه من المحتمل أن يكون الطلب على الطاقة أعلى من ذلك. 

وقد تتساءلون: لماذا أقول ذلك؟ 

كان يُعتقد أن التدريب يستهلك طاقة هائلة، ولكن من خلال خفض تكلفة التدريب بطرق عديدة خلقنا سوقًا أكبر، إذ أن ذلك يجعل استخدام النماذج والاستقراء في متناول الجميع وبأسعار معقولة للاستخدام على نطاق أوسع بكثير في جميع أنحاء العالم.

يمكننا أن نتصور أن نماذج الاستقراء ستصل الآن إلى الأجهزة، كما ذكرنا سابقًا، والذكاء الاصطناعي، وحتى الآلات، والسيارات، وإذا حدث ذلك فيمكننا أن نتخيل الكميات الهائلة من الطاقة المطلوبة لتلبية هذا الطلب الهائل على نماذج الاستقراء.

وأرامكو السعودية قادرة تمامًا على الإسهام في تلبية الطلب المتنامي على طاقة موثوقة وأكثر استدامة وبتكلفة معقولة. 

إذ يمكن أن تُسهم استثماراتنا في التقنيات منخفضة الكربون، مثل استخلاص الكربون وتخزينه، والهيدروجين، ومصادر الطاقة المتجددة، في خفض الانبعاثات الكربونية لهذا النمو في الطلب، وبالطبع تم تمكين وتسريع تطوير جميع ذلك بفضل الذكاء الاصطناعي.

وفي الختام.. أيها السيدات والسادة، لا تستفيد أرامكو السعودية من حجمها ونطاقها الفريد في تحقيق الاستفادة القصوى من الذكاء الاصطناعي على نطاق صناعي فحسب، بل تستفيد أيضًا من البيانات التي تمتلكها على مدى عقودٍ من الزمن، والأهم من ذلك تستفيد من خبرائها في المجال، أي من كفاءات الكوادر البشرية.

وهذا يُحافظ على إبقاء التجربة البشرية والإبداع البشري في صميم كل ما نقوم به، وسيتيح لنا الارتقاء إلى مستوى جديد من التميّز في القطاع الصناعي.

شكرًا لكم. 

الاستفسارات الإعلامية

جميع استفسارات وسائل الإعلام يتم التعامل معها من قبل إدارة الإعلام والتواصل التنفيذي في أرامكو - قسم العلاقات الإعلامية. الظهران - المملكة العربية السعودية

لجميع الاستفسارات الإعلامية، يرجى الضغط هنا.

أحدث الكلمات

عرض جميع الكلمات