الانتقال إلى المحتوى
aramco logo
مقالات

أعمالنا تواكب أحدث ما توصلت إليه التقنية

ابتكارات الذكاء الاصطناعي تحسن التنقيب عن المواد الهيدروكربونية وإنتاجها.

عبير النمري|

  • ساعدت تقنيات الثورة الصناعية الرابعة في التحول الرقمي لأعمال الشركة

  • النانوسيليكا والمستشعر الكروي (سينسر بول) والغواصة الروبوتية (سبايس راك) والمضخة الغاطسة (جمب ستارت) هي من بين التقنيات التي أفرزتها الثورة الصناعية الرابعة، للمساعدة في صياغة معايير جديدة في التنقيب عن المواد الهيدروكربونية وإنتاجها
  • تهدف هذه الحلول الواعدة إلى زيادة الموثوقية التشغيلية، وخفض تكاليف الإنتاج، والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون
يعيد التحول الرقمي تشكيل طريقة إنجاز الأعمال في كافة القطاعات؛ فقد أدت القدرات المذهلة لتقنيات الثورة الصناعية الرابعة، التي مكنت من هذا التحول، إلى تسهيل تنفيذ عمليات كانت تُعد فيما سبق عمليات معقدة. وساعد هذا العالم الرقمي المذهل، وسرعة انتشار هذه التقنيات، على استحداث حلول رقمية وميكانيكية أكثر إبداعًا يمكنها المساعدة في معالجة تحديات عالمية.

في عام 2017م، انطلق برنامج التحول الرقمي في أرامكو بهدف دعم الجهود الرامية إلى رقمنة أعمال الشركة والتركيز بشكل أفضل على مشاريع التطوير الرقمي. ويرتكز البرنامج على ستة مسارات رائدة تحتضن مشاريع رقمية من كافة إدارات الشركة، كل منها مصمم خصيصًا لمساعدة الشركة في تحقيق طموح محدد في إطار سعينا لأن نصبح الشركة الرائدة عالميًا في تبني التقنيات الرقمية.

واليوم نشهد منافع عديدة كانت ثمرة مسارعتنا إلى استخدام الثورة الصناعية الرابعة في الشركة.

نموذج مشرق

تُعد معامل بقيق أحد الأمثلة البارزة على هذا الصعيد؛ فتاريخ إنشائه يعود إلى سبعين عامًا مضت، لكنه استطاع إعادة ابتكار عملياته الحالية وتحسين كفاءته بمساعدة تقنيات التحول الرقمي. فقد استطاع أتمتة 30% من أعماله حاليًا باستخدام الروبوتات، والطائرات المسيرة، وتعليم الآلة، وخوارزميات الذكاء الاصطناعي، وتحليل البيانات. ونتيجة لذلك، زادت قدرته على توليد الطاقة الكهربائية بنسبة 4.5%، وانخفض معدل الكثافة الكربونية بنسبة 31.8% بين عامي 2019م و2022م.

استطاعت معامل بقيق ابتكار عملياتها الحالية وتحسين كفاءتها

وتمثل معامل بقيق معلمًا بارزًا يجسد الإمكانات التي تقدمها تقنية الثورة الصناعية الرابعة، مما دعا المنتدى الاقتصادي العالمي في عام 2021م، إلى تكريم هذه المنشأة نظير تحولها الرقمي الرائد على مستوى العالم.

التمهيد للابتكارات المستقبلية

وتمهد مراكز أبحاثنا العالمية الطريق لمزيد من التقدم عن طريق تطوير أحدث التقنيات التي تدعم التحول الرقمي في أعمالنا وتعزز الابتكار في قطاع الطاقة.

ومن هذه التقنيات تقنية عداد قياس التدفق الافتراضي التي طورها مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة، والتي تتكامل مع عدادات القياس الآلية باستخدامها الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بمعدلات تدفق النفط والماء والغاز في الآبار. كما طور المركز أيضًا المنصة الحاسوبية (جيودرايف) التي تساعد في تقليص الوقت اللازم لمعالجة البيانات السيزمية، لإنشاء صور للطبقات الجوفية من شأنها مساعدة خبراء الشركة في تحديد مناطق تجمع المواد الهيدروكربونية.

مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة

منع الهدر يمنع الاحتياج

لقد أثبتت سدَّادة آرك أن فوائدها أبعد من تحسين كفاءة الحفر وفاعليته، فقد ظهرت فائدتها أيضًا في الجهود المبذولة للتقليل من مخلفات صناعة التمور المحلية، حيث يتم توليد آلاف الأطنان من نوى التمور (أو العُجْم) سنويًا في المملكة العربية السعودية. وعلى الرغم من احتمال أن تكون هناك قيمة لنوى التمور كمصدر حيوي لإنتاج الطاقة، وأنه يجري دراسة وتطوير العديد من استخداماته التجارية الجديدة ، بدءًا من القهوة إلى مستحضرات التجميل، إلا أنه يتم التخلص من أغلب نوى التمر ومخلفاته في مزارع التمور عبر الحرق، ما يتسبب في التلوث. وكان أحد الحلول الشائعة الأخرى للتخلص منها هو الدفن، ما يتسبب في جذب الحشرات التي تعيق نمو النباتات القريبة أو تؤثر سلبًا على إنتاج الحبوب. في حين يساعد استخدام نوى التمر في صناعة سدَّادة آرك في الحد من هذه المشاكل غير المرغوبة، وفي الوقت نفسه يجسد أفضل مبادئ: "إعادة التدوير والتقليل" في الاقتصاد الدائري.

تقنيات الغد

استكشاف المياه باستخدام الغواصة الروبوتية (سبايس راك)

يُعد جمع البيانات السيزمية البحرية شكلًا من أشكال المسح الاستبياني، وهو وسيلة لاستكشاف ما هو موجود أسفل قاع البحر بحثًا عن أي مؤشرات تدل على وجود موارد محتملة للنفط والغاز. وعادة ما يتطلب ذلك استخدام كابلات طويلة أو مركبات مائية تعمل عن بُعد لنشر أجهزة الاستشعار التي يمكنها الحصول على هذه البيانات.

وقد أدرك باحثونا ضرورة وجود بديل أكثر كفاءة من هذه الطريقة المكلفة والمستهلكة للوقت، مما قادهم إلى ابتكار حل أسفر عن ثورة في طريقة إجرائنا للمسح السيزمي.

ومن خلال الاستفادة من القدرات القوية التي تقدمها الروبوتات، تعاونت أرامكو مع الشركاء في تطوير تقنية (سبايس راك)، وهي غواصة ذاتية التشغيل تعمل على تسجيل البيانات السيزمية لما يتم تصويره تحت سطح الماء.

حتى الآن، قامت مجموعة مكونة من 200 من هذه المركبات باستكشاف مناطق كبيرة تحت الماء بحثًا عن الموارد الهيدروكربونية. وعند إطلاق هذه المركبات تحت الماء، تصل إلى قاع البحر دون تدخل بشري لجمع البيانات، ثم تعود بعد ذلك إلى السطح حيث يمكن جمع البيانات منها وتحليلها. وتستطيع الغواصة الروبوتية إجراء دراسات مسح خلال نصف الوقت الذي تستغرقه الطرق التقليدية، وتحقق كفاءة أعلى مع خفض التكاليف بنسبة 30%.

تسجيل البيانات باستخدام المستشعر الكروي (سينسر بول)

البيانات هي أساس كل ما نقوم به. وعندما نحلّلها، يمكنها أن تساعدنا في تحديد الأنماط والتوجهات وتأثير العوامل المختلفة على أعمالنا. فعلى سبيل المثال، توفر مراقبة آبار الإنتاج والحقن، باستخدام أجهزة استشعار ذاتية التشغيل لقياس الضغط ودرجة الحرارة، بيانات مهمة للمحافظة على أداء كل بئر.

وقد صمّم علماؤنا جهازًا يجمع البيانات من داخل البئر ثم يطفو عائدًا إلى السطح بأمان ودون تدخل بشري. هذا الجهاز هو مستشعر كروي الشكل قادرٌ على الغوص عند إسقاطه داخل البئر للوصول إلى الأعماق المطلوبة وجمع البيانات على طول الطريق. وبعد أن يعود إلى السطح، يسترجعه فنيو الحقل لتفريغ محتويات ذاكرته إلى الكمبيوتر، ثم يستخدمون البيانات التي سجلها لمراقبة حالة الآبار والمكامن.

وتسمح هذه التقنية بالكشف المبكر عن حالات الخلل الموجودة في تدفق السوائل وفي ملحقات إنجاز الآبار، وهي معدات تُستخدم في إنجاز البئر وإعدادها للإنتاج بعد انتهاء الحفر. إضافة إلى ذلك، يستطيع الجهاز اكتشاف المؤشرات التي تحذر من التسربات قبل حدوثها نتيجة التآكل.

تقليل إنتاج الماء باستخدام تقنية النانوسيليكا

تمثل المياه المنتجة التي تخرج مع النفط أثناء الإنتاج تحديًا شائعًا في حقول النفط، خاصة في المكامن الناضبة. فنظرًا لارتفاع مستويات الملح الذي تحتوي عليه، يمكن لهذه المياه الزائدة، التي تتواجد مع المواد الهيدروكربونية في المكامن، أن تؤدي إلى مشاكل تشمل تآكل خطوط الأنابيب والأوعية والأنظمة الأخرى.

وقد رأى علماؤنا فرصة من وراء استخدام تقنية النانو لتوفير بديل أكثر فاعلية من حيث التكلفة وأكثر استدامة من الطريقة التقليدية المستخدمة في الحد من إنتاج المياه غير المرغوب فيها.

باستخدام تقنية النانو يتحول محلول سائل يُسمى بالنانوسيليكا إلى هلام عند استخدامه في قاع البئر داخل التكوين المنتج للمياه. ويعمل هذا الهلام، الذي يتألف من مكونين يعملان معًا، كمادة مانعة للتسرب لسد البنية المسامية أو المتصدعة لصخور المكمن، مما يحد من إنتاج المياه.

تبسيط عملية التنظيف باستخدام المضخة الغاطسة (جمب ستارت)

توصل علماؤنا إلى فكرة تقنية (جمب ستارت) للمساعدة في حل مشكلة يواجهها المشغلون على مستوى العالم في حقول النفط عند تنظيف آبار النفط والغاز من السوائل. ويُعد تنظيف الآبار خطوة مهمة بعد أعمال الحفر، من أجل إعادة أي سوائل استُخدمت في معالجة البئر أو إزالتها، بما يضمن السلامة والكفاءة.

وتتضمن طريقة التدفق العكسي والتنظيف التقليدية استخدام غاز النيتروجين، الذي يُضخ في قاع البئر من خلال الأنابيب الملفوفة التقليدية، لدفع السوائل إلى الخروج من البئر وإعداده للإنتاج.

وقد وجد مخترعو (جمب ستارت) حلًا فريدًا لتسهيل هذه العملية باستخدام تقنية مضخة كهربائية غاطسة يتم إنزالها داخل البئر بواسطة سلك يمكن تركيبه بسهولة لإنزال المعدات، لتقوم المضخة بدفع السوائل ذات الوزن الثقيل قبل بدء الإنتاج من حقل النفط. كما أن استخدام المضخة الكهربائية الغاطسة، التي يمكن سحبها من البئر بالكامل بمجرد الانتهاء من العمل، يقلل بشكل كبير من الوقت المستهلك للتدفق العكسي بنسبة 50%، إلى جانب خفض تكاليف التشغيل.

مستقبل ملهم يلوح في الأفق

رقمنة أعمالنا مجرد بداية؛ فقد يكون لهذه الابتكارات القدرة على تحسين طريقة تنفيذ أعمال حقول النفط والغاز في جميع أنحاء العالم. ومع الانتشار التجاري لهذه التقنيات وترخيصها، ستزداد قدرتها على التأثير على الصعيد العالمي.

وما يدعم تطوير هذه الحلول هو ثقافتنا الابتكارية التي توفر أرضية خصبة لحلول التحول الرقمية لتترسخ وتزدهر. ففي عام 2022م، بلغ عدد براءات الاختراع الممنوحة لنا من مكتب تسجيل براءات الاختراع الأمريكي 966 براءة اختراع، وهو أعلى معدل لبراءات اختراع على الإطلاق في قطاع الطاقة. ونتطلع إلى تمكين المزيد من هذا النمو.

ومن خلال تطوير حلول تهدف إلى المساعدة في زيادة الموثوقية التشغيلية وخفض تكاليف الإنتاج والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، نسعى إلى الاستمرار في تلبية الطلب العالمي على الطاقة بموثوقية، مع دفع عجلة التحول الرقمي في القطاع.

مقالات ذات الصلة

عرض جميع المقالات ذات الصلة