مركز الذكاء الاصطناعي في أرامكو
موطِن جيل المستقبل من الابتكارات الرقمية الذكية.
- يمثّل مركز الثورة الصناعية الرابعة المقر الذي نطوّر من خلاله حلول التحوّل الرقمي، ويضم منطقةً للذكاء الاصطناعي متخصصة في تطوير برامجنا التي تعزز الأداء وزيادة إنتاجنا من النفط والغاز
- يعمل المختصون والمطوّرون الميدانيون في منطقة الذكاء الاصطناعي في تناغمٍ تامٍ لاستكشاف أعلى فوائد يمكن أن تجنيها أعمالنا من الذكاء الاصطناعي
- نتبنّى حلولًا برمجية ذكية وإدارتها وتطويرها لتعزيز الكفاءة، وتحسين أوقات الاستجابة، وضمان السلامة، والحد من الانبعاثات
يقع مركز الثورة الصناعية الرابعة في مدينة الظهران، وهو مرفقٌ متطور و متخصص للابتكارات وتطبيقات جيل المستقبل من التقنيات الإحلالية في قطاع الطاقة، مثل الواقع المعزز والطائرات دون طيار.
وسط هذا المركز، تشغل منطقة الذكاء الاصطناعي المستقبلي مكانةً متميزة، تحيط بها شاشة فيديو مقوّسة فائقة الضخامة تعرض أحدث قراءات حلول الذكاء الاصطناعي، بدءًا من التنبؤات بمستوى حرق الغاز في الشعلات، إلى خطورة عطل وشيك الحدوث في أيٍ من المكونات.
وتضم المنطقة فريقًا من المهندسين والمطورين وعلماء البيانات والخبراء الميدانيين الذين ينصب جُل تركيزهم على تطوير حلول الذكاء الاصطناعي التي تخدم أعمالنا ومرافقنا ومراقبتها وإدارتها، مستخدمين تحليلات متقدمة، والبيانات الضخمة، وتقنيات تعلُم الآلة.
وينقسم أعضاء الفريق الصغير من ذوي المهارات إلى أربع وحدات، تختص كل منها بأحد مجالات التحول الرئيسة في أعمالنا، وهي: الاستدامة، أو كثافة/كفاءة استهلاك الطاقة، أو جودة المنتجات، أو سلامة الأصول.
ثورة الطاقة الجديدة
تأسس مركز الثورة الصناعية الرابعة في عام 2019م ضمن جهود الشركة الرامية لأن تصبح شركة الطاقة الرائدة رقميًا على مستوى العالم، وخلق بيئة تعاونية قائمة على التقنية.
أسسنا مركز الثورة الصناعية الرابعة ضمن جهودنا الرامية لأن نصبح شركة الطاقة الرائدة رقميًا على مستوى العالم
وتخطو تقنيات الثورة الصناعية الرابعة، مثل الروبوتات والواقع الافتراضي، بخطىً متسارعة لإحداث نقلة في قطاع النفط والغاز، إذ تُسهم في تعزيز السلامة، وتسريع الاستجابة، والكفاءة التشغيلية، والحدّ من الانبعاثات وأساليب التدريب.
وساعد المركز فور تأسيسه الشركة في تحقيق قفزاتٍ هائلة في مجال التقدم التقني في القدرات الحاسوبية، والقدرة على التطوير والاختبار، مما مهّد الطريق أمام الارتقاء إلى مستوى جديدٍ في التميّز التشغيلي.
ويتصل المركز بأكثر من ثلاثة ملايين وحدة قياس آنية للعمليات، ويتلقى بيانات من فوهات الآبار في حقول النفط والغاز، ومن مرافق المعالجة في جميع أنحاء المملكة، تُترجم بعد ذلك إلى أكثر من خمس مليارات نقطة بيانات في اليوم. بعد ذلك تُدمج نقاط البيانات هذه مع أكثر من مليوني وحدة قياس في المختبر، ومع قراءات من أكثر من 3 آلاف أداة تحليل، وخمسة ملايين رسم هندسي، بالإضافة إلى ملايين سجلات الصيانة والتفتيش.
ولكن، من بين كافة تقنيات الثورة الصناعية الرابعة الموجودة لدى الشركة، يبقى للذكاء الاصطناعي الأثر الأعظم، إذ أنه الأداة الأقوى التي تطبق تعلُم الآلة على البيانات الضخمة. ومن خلال الاستعانة بأجهزة قوية متصلة بوحدات تحكم في جناح الذكاء الاصطناعي واستخدام التحليل المتقدم، يُترجم خبراؤنا المختصون هذه البيانات التشغيلية الضخمة إلى رؤى يُستعان بها في اكتشاف المشكلات المحتملة، والتنبؤ بها بشكل استباقي.
ما هي منطقة الذكاء الاصطناعي؟
تقع منطقة الذكاء الاصطناعي إلى جانب المساحات المخصصة لأحدث الروبوتات الجوية والبرية والمائية، فضلًا عن تقنيات الواقع المعزز والواقع الافتراضي. وتمثّل المنطقة، المليئة بشاشات المراقبة، العقل لعمليات مركز الثورة الصناعية الرابعة عالية التقنية، إذ تُتيح لموظفينا التنبؤ بأداء مرافق أرامكو المهمة، مثل حقول النفط والغاز والمصافي، واتخاذ القرارات المتقدمة والمبنية على بيانات آنية لتحسين جاهزية الأصول وتشغيلها وكفاءتها.
وأسهمت منطقة الذكاء الاصطناعي، خلال السنوات الثلاث الماضية فقط، في تطبيق 55 حلًا بالإضافة إلى تحقيق 125 مليون دولار من تطوير حلول داخل الشركة وتسويقها تجاريًا.
وبفضل الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي ونطاق أعمالنا المتفرد، بات بوسعنا استخدام الذكاء الاصطناعي في تحسين سير الأعمال والارتقاء بمستوى الأداء بوتيرة استثنائية، بما يُعزز عملية صنع القرار لدينا، ويُساعدنا في البقاء في طليعة الشركات التي تلبي الطلب العالمي المتنامي على الطاقة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة والتي تتسم بالموثوقية والأسعار المعقولة.
تطوير قائم على البيانات
تبنّت الشركة تصميم برنامج مراقبة حرق الغاز في الشعلات وتطويره وتشغيله داخليًا بعد البحث عن تقنية قائمة وغير ميكانيكية لتقليل حرق الغاز في الشعلات، ولكن دون جدوى، مما حدا بالشركة لاتخاذ قرار بتطوير برنامجها الخاص.
حرق الغاز في الشعلات: يُراد به عملية إطلاق الغازات الهيدروكربونية الناجمة عن تراكم الضغط في خطوط الأنابيب ومرافق المعالجة وحرقها. وبما أن غاز الميثان - السبب الرئيس لظاهرة الاحتباس الحراري - يُشكل النسبة الأكبر من الغازات التي يتم حرقها، فإن الحدّ من حرق الغاز في الشعلات يُمثل أهميةً بالغةً لإستراتيجيتنا الرامية إلى خفض الأثر البيئي الناجم عن أعمالنا.
وقد ساعدنا استخدام البيانات المستمدة من 170 مرفقًا من المرافق التشغيلية في المملكة، وإجراء المقارنات المعيارية لأداء كل واحد منها، في تطوير خوارزميات داخل الشركة للتنبؤ بكمية حرق الغاز والحدّ منها.
وقد حصل هذا النموذج، الذي يستطيع التنبؤ بإجمالي حرق الغاز في الشعلات من 18 ألف مصدر للبيانات دون الحاجة إلى تركيب أجهزة إضافية أو إلى الاستثمار الرأسمالي المصاحب لها، على براءة اختراع ويجري حاليًا تسويقه تجاريًا.
وبالمقارنة بين البيانات الآنية والنموذج، فيمكن للنظام التنبؤ بالوقت الذي من المحتمل أن يتجاوز فيه أحد المرافق للحدود المستهدفة لحرق الغاز، ليتسنّى اتخاذ الإجراءات التصحيحية مقدمًا.
وبفضل تكامل هذا البرنامج مع المبادرات الأخرى للحدّ من حرق الغاز في الشعلات، فقد أسهم في الحدّ من خفض إجمالي حرق الغاز في الشعلات بنسبة تتجاوز 50 بالمائة منذ عام 2010م، الأمر الذي ساعدنا على الوصول إلى أدنى معدل حرق في قطاع الطاقة في العالم. وقد بلغ حجم انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري التي تم تلافيها نتيجة للأساليب المجتمعة لخفض مستوى حرق الغاز في الشعلات بما يقدر بنحو 100 مليون طن سنويًا من ثاني أكسيد الكربون.
هذه المبادرة، ليست سوى نقطة بداية لما يمكن للذكاء الاصطناعي مساعدتنا في تحقيقه من خلال خفض مستوى حرق الغاز في الشعلات. فثمّة عديد من المشاريع الأخرى أحدثت تأثيرًا حقيقيًا، بما في ذلك "رؤية الآلة" - وهو جهاز يوضع على طرف عمود الشعلة لإجراء تحليلات لمقاطع الفيديو والصور بهدف تحليل زاوية الشعلة، وطولها، ونسبة حرق الغاز إلى الدخان، والتنبؤ بكمية الغاز الذي سيتم حرقه قبل حدوثه، وتُسهم هذه المشاريع في تقريبنا من هدفينا المتمثلين في التخلص من الحرق التقليدي للغاز نهائيًا، والتوقف التام عن حرق الغاز في الشعلات في المستقبل القريب.
وساعد جمع البيانات من برنامج الذكاء الاصطناعي وتحليلها فريق العمل في منطقة الذكاء الاصطناعي في التمييز بين حرق المواد الهيدروكربونية وحرق المواد غير الهيدروكربونية. ويساعد هذا الأمر المشغلين على معرفة متى يتم إنتاج غاز الهيدروجين من الآبار، بدلًا من الميثان، ويتيح لنا في المقابل استخلاص هذا الغاز القيّم واستخدامه عِوضًا عن حرقه.
ابتكارات أرامكو
تشمل المشاريع الأخرى التي قام بها فريق عمل منطقة الذكاء الاصطناعي حتى الآن، إيجاد حلول لكثافة استهلاك الطاقة قادرة على تقييم كفاءة المعامل على كافة المستويات وتحليلها. وقد أسهم هذا البرنامج، الذي يندرج تحت برنامج إدارة الطاقة، في توفير ما يعادل 263,600 برميل مكافئ نفطي من الطاقة يوميًا منذ استخدامه لأول مرة في عام 2017م.
كما طوّر الفريق العديد من الحلول الرامية إلى التنبؤ بجودة المنتجات، بما في ذلك برنامج جودة النفط الخام الذي يمكنه التنبؤ بالمشكلات التي تطرأ على جودة النفط الخام بدءًا من أعمال التنقيب والإنتاج وصولًا إلى الشحن، حيث تمكّن من تقليل نسبة الماء المصاحب الممزوج بالنفط الخام، والذي يُعد منتجًا ثانويًا غير مرغوب فيه لعملية الحفر، بحوالي 40 بالمائة.
يُمكن لحل فريق منطقة الذكاء الاصطناعي لدينا من التنبؤ بالمشكلات التي تطرأ على جودة النفط الخام بدءًا من أعمال التنقيب والإنتاج وصولًا إلى الشحن
حلول أذكى
ثمة نجاحات كبرى أخرى حققناها في مجال إدارة التآكل، فمن خلال قياس 40 ألف معيار هيكلي ومعيار أداء ورصدها على مستوى شبكة الأنابيب التابعة للشركة، تم تصميم برنامج ذكاء اصطناعي مخصص يمكنه الحد من الآثار بعيدة المدى الناجمة عن التآكل، وخفض تكاليف الصيانة ذات الصلة، والانسكابات الضارة بالبيئة.
يراقب نموذج المحاكاة ثلاثي المراحل سلامة خطوط الأنابيب التابعة للشركة، كما يمكنه التنبؤ آنيًا بسرعة التدفق وتراكم المياه في كل قسم من أقسام خط الأنابيب، إذ يُسهم تراكم المياه وتباين سرعة التدفق في تآكل خطوط الأنابيب. ويسمح نموذج المحاكاة للمهندسين بحقن الأنابيب بالمواد المانعة للتآكل بهدف تخفيف الضرر الناجم عن المياه أو تشغيل كاشطات الأنابيب لإزالة التراكمات التي قد تُقلل من سرعة التدفق وتؤدي إلى نحت جدار الأنابيب.
ويكشف النظام التنبؤي عن وجود أي مشكلة ويرسل إشعارات على الفور إلى كل من يهمه الأمر، ويمكن دمجه مع تقنية مستقلة لتنفيذ إجراءات لمعالجة المشكلة المحددة في أقرب وقت ممكن.
وعلى الرغم من أن منطقة الذكاء الاصطناعي ليست مركز تحكم تشغيلي تعمل على مدار الساعة، إلا أنها توفر تنبيهات آنية ومقترحات لشبكة تخطيط وتنظيم توريد الزيت، ومراكز الطوارئ الأخرى في الشركة، التي توفر بدورها الدعم الفني الفوري المتخصص واللازم في حالات الطوارئ.
لقد كنا في طليعة الشركات التي تبنّت الذكاء الاصطناعي، إذ منح الشركة مجالات تركيز ودوافع ووجهات جديدة. ويعمل فريقنا متعدد التخصصات مع الدوائر الأخرى في الشركة لإيجاد فرص جديدة يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث تأثير دائم فيها. كما يستفيد الأشخاص من جميع أنحاء الشركة من خدمات منطقة الذكاء الاصطناعي للحصول على البيانات والاهتداء إلى رؤى جديدة يمكن استخدامها لتحسين سير العمل أو إعادة هيكلة نظام ما.
تقلّد زمام المبادرة
تتيح الإمكانات المتزايدة للبرامج والتطبيقات الفنية القادرة على الارتقاء بمستواها، محاكاة مقاربة للمستويات البشرية من الفهم والاستدلال والتخطيط والاتصال، وهو ما نطلق عليه الذكاء الاصطناعي، كما تتيح لقطاع الطاقة ككل تعزيز الكفاءة التشغيلية وخفض التكاليف، في ذات الوقت الذي تسمح لنا بإعادة توزيع مواهبنا النفيسة على مشاريع تواكب المستقبل وتركز عليه.
لقد وضعنا نصب أعيننا هدفًا طموحًا يتمثّل في تحقيق الريادة في عالم الذكاء الاصطناعي في المجال الصناعي، وتشكل منطقة الذكاء الاصطناعي مسرحًا يتيح لنا ترجمة هذه الطموحات إلى واقع ملموس. وتساعدنا المشاريع التي تنفذها أرامكو على ضبط الإيقاع من خلال تطوير تقنيات متطورة واستخدامها في شتّى مناحي قطاع الطاقة، بغية تعزيز الأداء والمحافظة على ميزة تنافسية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، بما يمكننا من الإسهام في مستقبل لا تتوفر فيه الطاقة بموثوقية أفضل وأسعار معقولة فحسب، بل تُنتج بمستويات انبعاثات أقل، وتكون متاحة على نطاق واسع للجميع.