علي دوقرو: مفكر ومبدع يجمع بين مهارات الرياضيات والعلوم وبعض من أحدث المعارف التقنية المتقدمة في مجاله.
يتطلب فهم جيولوجيا المملكة تطبيق العديد من التخصصات.
- يعمل دوقرو في مجال أبحاث تطوير مكامن أكبر احتياطيات العالم المعروفة من النفط
- يتطلب بناء نموذج رياضي موثوق لمكمن عملاق جمع كميات ضخمة من الصخور والسوائل والبيانات الجيولوجية والسيزمية
- يستخدم فريق دوقرو بعضًا من أكثر أجهزة الكمبيوتر العملاقة تقدمًا على مستوى العالم
يجلس علي دوقرو، الحائز على لقب زميل أرامكو السعودية وكبير التقنيين في مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة في أرامكو السعودية، في مكتبه الذي تداعبه أشعة الشمس بعد الظهيرة متأملًا السنوات الثلاثين التي قضاها في أرامكو السعودية.
"من خلال استخدام الرياضيات والعلوم وأفضل التقنيات الحديثة، نعمل على معرفة الأسرار الكامنة في الأرض ومنابع النفط والغاز، مثلما نعرف النجوم التي تبعد مليارات الأميال عن الأرض".
علي دوقرو، زميل أرامكو السعودية
ويصيف: "ثمة العديد من الجوانب المجهولة في علوم الأرض، ولكن الجمع بين علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والكمبيوتر واستخدام بعضٍ من أكثر أجهزة الكمبيوتر تقدمًا في العالم يمكننا من اكتساب المزيد من المعارف حول الطبيعة الجيولوجية للأرض التي نقف عليها".
يشتمل عمل دوقرو على جوانب متعددة تفرضها حاجات العمل في قطاع إدارة وتطوير أكبر الاحتياطيات المعروفة في العالم من النفط والغاز واحتمال وجود ما هو أكثر من ذلك، مما يعني أن جزءًا كبيرًا من طاقة العالم يأتي من مكامن النفط والغاز الضخمة في المملكة.
إعداد النماذج الأرضية
تتطلب إدارة هذه الموارد واكتشاف الثروات الهيدروكربونية في المستقبل استخدام تقنيات متطورة، وفي مقدمتها المحاكاة باستخدام الكمبيوتر. وكما هو الحال مع إعداد توقعات الأرصاد الجوية فإن النماذج الرقمية لمكامن النفط والغاز تحت سطح الأرض تُعد باستخدام كمبيوتر عملاق يرسم خرائط ملونة ثلاثية الأبعاد تبين طريقة حركة تجمعات السوائل في المكامن.
تحتاج تقنيات محاكاة المكامن إلى توفير بيانات للنماذج تتمثل في الوصف الفيزيائي للصخور وخصائصها في جميع أماكن المكمن، وثمة جانب آخر متعلق بهذه التقنيات هو النموذج الرياضي، الذي يتمثل في خوارزميات رياضية معقدة للغاية تبين تدفق السوائل.
المكامن مقسمة إلى أجزاء أصغر تدعى الكتل الشبكية، وهي مشابهة في ذلك للبيوت المبنية باستخدام الطوب كوحدات للبناء. ويمكن أن يبين استخدام عدد أكبر من الكتل الشبكية في نموذج المكمن التغيرات في خصائص الصخور بدقة أكبر. وحول ذلك قال دوقرو: "تحمل الصخور السوائل، وهذا يعني أن الصخور التي تكون ذات نماذج أفضل تعطي وصفًا أفضل للجوانب الفيزيائية للتدفق وبالتالي تكون نتائج المحاكاة أكثر دقة".
وأضاف: "بالنسبة للمكامن الضخمة، فإننا نحتاج إلى استخدام ملايين ومليارات الكتل الشبكية، بل وأكثر من ذلك، حتى نتمكن من إعداد نموذج للمكمن ولحركة السوائل على نحو صحيح، وهذه العملية ليست مكلفة فحسب وإنما تعتبر في بعض الحالات غير ممكنة".
وقال: "يتطلب بناء نموذج موثوق لمكمن عملاق جمع كميات ضخمة من الصخور والسوائل والبيانات الجيولوجية والسيزمية أيضًا، علمًا بأن حجم البيانات أكبر بكثير مقارنة مع المكمن العادي في أي مكان في العالم".
تطبيق تخصصات متعددة
وأشار دوقرو إلى أن العمل على فهم جيولوجيا المملكة يتطلب اللجوء للعديد من التخصصات. وقال: "هو عمل رائع بالفعل مع استخدام بعض من أكثر أجهزة الكمبيوتر تطورًا في العالم والتي كنت محظوظًا جدًا بفرصة توفرها الأمر الذي مكنني أنا وفريقي في الظهران وفي الولايات المتحدة من مواجهة تحديات علمية رائعة".
الجمع بين علوم الرياضيات والفيزياء والكيمياء والكمبيوتر واستخدام بعضٍ من أكثر أجهزة الكمبيوتر تقدمًا في العالم يمكن فريق مركز إكسبك للأبحاث المتقدمة من اكتساب المزيد من المعارف حول الطبيعة الجيولوجية للمملكة.
ووصف دوقروالتقنية بأنها مذهلة، وقال: "نتمتع حاليًا بإمكانية استخدام أحد أكبر أجهزة الكمبيوتر العملاقة في العالم، ولكننا لا نتوقف عند هذا الحد فنحن مستمرون بالاستثمار وسنطور قدرات كمبيوتراتنا العملاقة بحلول عام 2020 بحيث نتمتع بأعلى قدرات المعالجة تطورًا.
وأشار دوقرو إلى أن توفر مثل هذه التقنية العالية التطور وتميز فريقه بالتفكير الابتكاري يفتح لهم آفاقًا لتغيير التحليل الأساسي للفيزياء في هندسة المكامن.
عندما تجتمع إمكانياتنا الحاسوبية مع الخوارزميات التي نطورها في الشركة يمكننا أن نختبر أفكارًا جديدة لم نحظ سابقًا بفرصة تطبيقها، وكل ذلك أدى إلى نقلة نوعية نشهدها في محاكاة المكامن، ففي عام 2015 على سبيل المثال استخدمت تقنية محاكاة الأحواض الجديدة الخاصة بنا على كمبيوتر شاهين 2 العملاق في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية لاختبار الأجزاء الحاملة للمواد الهيدروكربونية في شبه الجزيرة العربية بأكملها باستخدام 130 بليون خلية وببحث في نصف بليون سنة من التاريخ.
وتمكنا في السنة التي تلتها من محاكاة انتقال مواد هيدروكربونية بواقع ترليون كتلة شبكية وهو رقم قياسي عالمي باستخدام تقنيات مطورة في الشركة، ووصلنا هذا العام إلى 20 بليون كتلة شبكية في أحد حقولنا الرئيسة لمحاكاة تاريخ الإنتاج في أكبر حقل نفط في العالم والذي يبلغ عمر العديد من آباره ما يزيد على نصف قرن من الزمان، باستخدام أجهزة كمبيوتر عملاقة في مركز الكمبيوتر التابع لنا في الظهران.
تطوير الكوادر
ورأى دوقرو أن فريقه محظوظ جدًا نظرًا لتمكنه من تطوير سلسلة تقنيات "باورز" في الشركة الخاصة بمحاكاة المكامن والأحواض، وقال دوقرو: "يرجع البدء بتطوير سلسلة التقنيات هذه إلى عام 1994م، وهي تضم حاليًا تقنية "تيرا بيسن" والتي تحاكي تاريخ الأحواض وتكون وانتقال النفط والغاز إلى مكامنها في يومنا الحاضر.
وتقنية المحاكاة هذه قادرة على محاكاة التاريخ الجيولوجي لتكوُن الأحواض وتراكم الطبقات بالإضافة إلى تكوُن وانتقال وتجمع النفط والغاز منذ ملايين السنين. يذكر أن هذه التقنية تأتي في إطار تطوير تقنية "تيرا باورز" للمحاكاة التي تعتبر تقنية الجيل القادم لمحاكاة المكامن والأحواض والتي توفر قوة نمذجة حاسوبية غير مسبوقة من حيث السرعة والكفاءة.
وأوضح دوقرو: "نحن لا نطور تقنيات المحاكاة فحسب، بل نعمل على تطوير كوادرنا في ظل توفر تقنيات كهذه لدينا. أعتقد ان العنصر البشري هو الذي يطور التقنية وليس العكس، ومن هنا فإننا بحاجة إلى إعداد قوى عاملة قادرة على تطوير التقنيات التي نحتاجها. تتمتع كوادرنا بفرصة التعاطي مع صعوبات تنطوي على جوانب رائعة، وقد عمل العديد من أعضاء الفريق معي مدة تزيد على 20 عامًا".
علي دوقرو يعمل مع فريق بوسطن التابع لأرامكو.
موظفونا: السيرة الذاتية لعلي دوقرو
وحصل دوقرو على جائزة وصف وديناميكيات المكامن من جمعية مهندسي البترول وجائزة جون فرانكلن كارل من جمعية مهندسي البترول وجائزة المفكر المبدع العالمية في قطاع النفط، ومُنح عام 2014م العضوية الفخرية من جمعية مهندسي البترول التي تعتبر أعلى درجة تكريم فيها.
حصل دوقرو على شهادة الدراسة الجامعية في الهندسة من جامعة اسطنبول التقنية وحصل على شهادة الدكتوراه في هندسة البترول والرياضيات التطبيقية من جامعة تكساس في أوستن، وأجرى أبحاث دراساته العليا في معهد كاليفورنيا للتقنية في مجال الهندسة الكيميائية.
وعمل دوقرو مدرسًا في قسم الهندسة الميكانيكية في جامعة تكساس وفي المعهد النرويجي للتقنية، بالإضافة إلى تدريس الرياضيات في جامعة تكساس في دالاس.
واختير عام 2017 ليكون عضوًا في الأكاديمية الوطنية الأمريكية للهندسة.