التنقيب
يُعد تاريخ أرامكو البوصلة التي توجه مسارها المستقبلي، مدفوعة بروح الاستكشاف والتطوير، وقد بدأت جهودها في استكشاف الخصائص الجيولوجية الفريدة للمنطقة الشرقية من المملكة العربية السعودية في عام 1933، حيث قام الجيولوجيون بالتنقيب في تضاريسها بحثًا عن مؤشرات محتملة على وجود النفط مثل التكوينات المحدبة - هياكل صخرية ظاهرة على هيئة أقواس - والتكوينات الصخرية المكشوفة التي تُعرف بالنتوءات الصخرية.
ويُعد التراث الجيولوجي الثري للمملكة جزءًا لا يتجزأ من مشهدها الطبيعي وتنوعها الحيوي. وتسعى أرامكو لحماية النتوءات الجيولوجية في المملكة والمحافظة عليها، وهي الصخور المكشوفة أو البارزة على سطح الأرض، التي تُعد بمنزلة علامات إرشادية على ما تخفيه تحتها.
تعطي التكوينات الصخرية السطحية دلائل هامة لما يمكن أن يكون موجودًا على عمق أميال تحت سطح الأرض.
وبالاستعانة بهذه الخصائص الجيولوجية، قامت فرق التنقيب في نهاية الأمر بحفر بئر الدمام رقم 7 (بئر الخير) في عام 1938. وكلما زاد عمق الحفر في البئر، كانت مكامن النفط المخفية أسفل الصخور الرسوبية تظهر بوضوح أكبر.
عقود من التنقيب
تحت رمال الصحراء في المملكة، وتحت سطح البحر قبالة شبه الجزيرة العربية، يوجد اثنان من أكبر حقول النفط في العالم وهما: حقل الغوار البري وحقل السفانية البحري. وقد بدأت أعمال التنقيب في الحقلين في الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي. وفي التسعينيات، شرعت الشركة في التنقيب عن حقول فرعية في وسط المملكة. وابتداء من 2010، بدأت في اكتشاف ترسبات الغاز في منطقة الربع الخالي النائية. وبحلول عام 2020، كان إنتاج الشركة من الغاز من حقول الغاز غير المصاحب، حيث يتكون الغاز دون وجود نفط، ويمثل نحو نصف إجمالي إنتاج الشركة من الغاز.
واستمرت رحلة الشركة في مجال التنقيب لتصل إلى آفاق جديدة، وتعكف حاليًا على البحث عن مصادر غير تقليدية مثل الغاز الصخري. ويمكن أن يؤدي التنقيب الناجح عن الموارد غير التقليدية إلى تعزيز إمكانية الوصول إلى مصادر للطاقة منخفضة الكربون على المستوى المحلي.
الاستعانة بالتقنية
تستخدم أرامكو اليوم أحدث الأدوات والتقنيات من أجل التوصل إلى فهم أعمق لطبقات الأرض التي تحوي احتياطيات المواد الهيدروكربونية. وبالعودة إلى الوراء، عندما اكتُشف النفط في بئر الدمام رقم 7، كان التنقيب يجري بجهد بدني خالص، وكان يعتمد أساسًا على دراسة الخصائص الجيولوجية الظاهرة، وعلى المشاهدة - إلى حد كبير- في تقييم الخصائص الجيولوجية، وكانت تحفر الآبار لإجراء الاختبارات اللازمة بحثًا عن الاحتياطيات. وقد استخدمت الشركة الحفر الهيكلي، وهو أسلوب حفر استكشافي يهدف إلى فحص البنية الجيولوجية للطبقات السطحية من الأرض عبر حفر حفرات سطحية ، وهو ما أسهم في تحديد المواقع المحتملة لمكامن النفط.
وقد قطعت الشركة شوطًا طويلًا في هذا المسار منذ ذلك الحين، حيث تعمل الآن على دمج نتائج الحفر مع بيانات التصوير الجيوفيزيائي الشاملة لإنشاء نماذج جيولوجية ثلاثية الأبعاد لما في باطن الأرض وتحت سطح البحر.
تعزيز أعمال التنقيب
يعود الفضل في كثير من الإنجازات التي حققتها الشركة في مجال التنقيب اليوم إلى استخدام خوارزميات متطورة وتقنيات متقدمة. وقد طورت الشركة برامج لمحاكاة عملية تكَوُّن مكامن المواد الهيدروكربونية، مع التنبؤ بمواقع مكامن النفط، وهي المناطق التي تتجمع فيها احتياطيات النفط داخل التكوينات الصخرية والطبقات الجوفية. وتوفر تقنيات التصوير والنمذجة، التي تستفيد من بيانات التصوير الجيوفيزيائي، بالإضافة إلى خوارزميات التصوير المتقدمة، صورًا أكثر دقة لما يوجد تحت سطح الأرض.
وتعمل هذه التقنيات مجتمعةً كبوصلة لتحديد مواقع الاحتياطيات النفطية في جميع أنحاء المملكة والبحار المحيطة بها.
تطوير الأجهزة
لا تزال أرامكو تعمل على تطوير أجهزة مبتكرة من شأنها إحداث نقلة في أعمال التنقيب عن المواد الهيدروكربونية، بما يحقق مزيدًا من السرعة والأمان والكفاءة في أعمال الشركة، بالإضافة إلى خفض التكلفة. وتشمل تقنيات الطائرات المسيرة الجديدة: الطائرات بدون طيار التي تتيح الحصول - ذاتيًا - على البيانات السيزمية على اليابسة، وتقنية الطائرات المسيرة التي ترسل اهتزازات عبر الأرض لإنشاء نموذج للطبقات تحت سطحها.
تُمكّن تقنيات الطائرات المسيّرة من التنقيب بشكلٍ أوسع وأسرع من أي وقت مضى.
وتحت سطح البحر، بدأت الشركة باستخدام المئات من الغواصات ذاتية التشغيل لإجراء أعمال مسح سيزمية ضخمة لقاع البحر، مما يقلل الوقت والتكلفة فيما يتعلق بجمع البيانات.
وتهدف أرامكو إلى تطوير أعمال التنقيب وأن تكون لها الريادة على صعيد الابتكار في قطاع النفط والغاز. ويمثل استخدام التقنية، والاستعانة بالخبرات التي تتمتع بها فرق العمل لديها من الجيولوجيين المتخصصين والمهندسين ومديري المشاريع، الأساس لجميع مبادرات التنقيب التي تقوم بها الشركة. كما يُتيح لها التفكير المرن والجماعي اكتشاف موارد جديدة بطرق مبتكرة.
حماية التراث الجيولوجي
تكشف النتوءات الصخرية في كافة أنحاء المملكة، والتي تكونت في البحار والبحيرات والأنهار القديمة وتشكلت بفعل الرياح والمياه على مدى أكثر من 60 مليون عام، عن حقائق خفية بشأن التراكيب الجيولوجية، وأنواع الصخور، والعمليات الطبيعية التي جرت في الماضي وأسهمت في تكوين شبه الجزيرة العربية. وقد أتاح ذلك للجيولوجيين الأوائل في الشركة، في ثلاثينيات القرن الماضي، رسم خرائط لطبقات الصخور المخفية تحت سطح الأرض، ومكنهم من مقارنة التكوينات الصخرية التي اكتشفوها بالتكوينات الخاصة بالمكامن المنتجة للنفط في دولة البحرين المجاورة، مما ساعدهم في اكتشاف موارد النفط والغاز الثمينة في المملكة. ولا يزال علماء الجيولوجيا في أرامكو يستدلون بالنتوءات الصخرية للتوصل إلى اكتشافات جديدة.
وتسعى الشركة إلى المساهمة في حماية المئات من النتوءات الجيولوجية، الواقعة في مناطق أعمالها وفي مواقع أخرى في جميع أنحاء المملكة، والمحافظة عليها من خلال الحملات الإعلامية التوعوية واللافتات الإرشادية والرحلات الميدانية التثقيفية. وتصنف الشركة هذه النتوءات على أنها مناطق مخصصة لحماية التنوع الحيوي بهدف تقديم الدعم للموائل الطبيعية للحيوانات المحلية مثل الثعالب الحمراء العربية.
قد تم حظر هذا المحتوى
الرجاء إعطاء الموافقة
وتوفر النتوءات الصخرية، التي تعرف محليًا أيضًا بالجبال، نافذة على التاريخ الجيولوجي للمملكة.